الاثنين، 20 ديسمبر 2010

اليمن مع الخليج

دعا الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد إلى توسيع دائرة المشاركة السياسية وتشكيل البدائل للثروة النفطية وضم العراق واليمن للمنظومة الخليجية والبحث حثيثا في حل مشكلات اليمن عربياً وبحسب التصريحات التي سجلتها ندوة إلكترونية أقامها مركز الدراسات العربي- الأوروبي ومقره باريس, تحت عنوان " كيف يمكن تحقيق الأمن والإستقرار في منطقة الخليج " أضاف علي ناصر محمد أن هذا السؤال هام ، يمكن أن تجيب عليه بدقة مجموعة دراسات وأبحاث علمية استراتيجية تستقصي واقع المنطقة الحساس وتستشرف مستقبلها بموضوعية . ولكن يمكن الإشارة في هذا المقام إلى عدة عوامل أساسية ، يمكن أن تنتظم في سياق الرد على هذا السؤال الكبير ومنها ، العمل الجاد على تطوير النظم السياسية لدول الخليج بما يتناسب مع كل دولة على حدة وبما يواكب تطلعات الشعوب وبما يسهم عملياً في توسيع دائرة المشاركة السياسية ويحقق مبدأ المواطنة المتساوية وتعزيز عمل منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وتطوير اقتصادياتها بما يجعلها تتحول إلى مرحلة الانتاج الحقيقي ، وصولاً إلى تشكيل البدائل الموضوعية للثروة النفطية . منوهاً بضرورة تجفيف منابع الإرهاب بالنظر إلى أصوله وجذوره والتي منها الفساد والفقر والبطالة وموائل التطرف الديني وتعزيز ثقافة الانفتاح والاعتدال والوسطية ونبذ ثقافة الكراهية ، والقضاء على كل ما يؤدي إلى تعزيزها وتناميها في الأوساط الاجتماعية والعمل الجاد على تعزيز مجلس التعاون الخليجي كوحدة سياسية والسعي إلى تطوير هذه الكتلة لتشمل المنطقة بعامة ومنها اليمن والعراق وبما ينقلها إلى نظم الوحدة العالمية كالاتحاد الاوروبي مثلا. وشدد علي ناصر على أن المستقبل للدول الكبيرة وللتكتلات الدولية ، وبأنه لن يكون للصغار مكان في الخارطة الجيوسياسية العالمية المؤثرة. داعياً إلى تطوير النظم القضائية بما يحقق العدالة والاحتكام للقانون المنصف ليكون مظلة للناس بدلاً من تراجعهم للنظم القبلية والأسرية والفئوية التي تكرس الانقسام في المجتمع وتهدد التعايش و السلم الأهلي . معتبراً أن تطوير النظم الأمنية وتصحيح مسارها ضرورة بحيث تكون حارسة للأوطان والشعوب لا مصدر إقلاق وترويع. وخلص ناصر محمد إلى أنه لا يمكن أن نغفل موضوع اليمن وأزمته المتفاقمة ؛ التي تنذر بمستقبل مجهول ما يتوجب على دول الخليج بخاصة وأن اليمن يشكل عمقاً جغرافيا واستراتيجياً للمنطقة ، أن تلعب دورا فاعلاً في إيجاد الحل السياسي الحاسم ، وإتباع ذلك بحلول اقتصادية وأمنية ، لأن المشكلة سياسية بامتياز والازمة لو تفاقمت ستنعكس بشكل خطير على المنطقة ولذلك دعونا منذ وقت مبكر ، إلى الحوار الشامل وبرعاية عربية ، ويفضل أن تكون المنظومة الخليجية صاحبة السبق في هذا الاتجاه. وفي السياق نفسه رأى رئيس التيار الوطني العراقي حسين المؤيد انه ليس الأمن و الإستقرار في منطقة الخليج العربي بقضية تنحصر بالدول المطلة على الخليج و الموجودة فيه, كما لا تقتصر على المنطقة و البعد الإقليمي, و انما هي قضية حيوية على الصعيد الدولي و تشكل مفردة أساسية في الاستراتيجيات الدولية نظراً للأهمية البالغة للخليج كممر مائي دولي ستراتيجي, و نظراً للثروات الكامنة في الخليج و الدول المطلة عليه و الموجودة فيه لا سيما ثروتي النفط و الغاز و ضرورتهما الحياتية للعالم, و هما في التقديرات الاستراتيجية سلعة استراتيجية حيوية في الحرب ضرورية في السلام لازمة للنفوذ العالمي. و الخليج العربي مصدر أساسي لهذه الثروة و هو على رأس المصادر العالمية للطاقة. يضاف الى ذلك الأهمية السياسية والثقافية الدينية بحكم الموقع الجغرافي لدول الخليج العربي, و التأثيرات السياسية و الثقافية و الدينية و العمق التاريخي لبعض هذه الدول الأمر الذي ينعكس على قضايا حساسة ذات بعد اقليمي و دولي منها القضية الفلسطينية و أفغانستان و الإرهاب و لبنان و اليمن, مضافاً الى قضايا من قبيل النقد و التسلح و الإستثمار. أضف الى ذلك البعد الإقتصادي من حيث كون منطقة الخليج محطة مالية عالمية بحكم الثروة المالية و ما لهذه الثروة من آثار على كافة الأصعدة. واضاف المؤيد إن هذه العوامل في الوقت الذي تكشف حجم أهمية الأمن و الإستقرار في الخليج العربي فانها تتحكم في الخط البياني للأمن و الإستقرار فيه سلباً و ايجاباً و تجعله عرضة للتحديات وساحة للتجاذبات. والمشكلة الجوهرية في نظري تكمن في أن معادلة الأمن و الإستقرار في الخليج و بحسب طبيعة الظروف و الأوضاع الداخلية و الخارجية هي معادلة متعددة الأطراف بمعنى أن صياغة هذه المعادلة ليست بيد طرف معين لوحده و انما تتضافر عليها أطراف إقليمية و دولية و بالتالي فهي خاضعة لارادات متعددة, و هذه الإرادات خاضعة بدورها لتقلبات و مصالح تصل الى حد التصارع و التضارب الأمر الذي يجعل معادلة الأمن والإستقرار في الخليج معادلة معقدة لا يمكن أن تنجو من الإضطراب.و هي معادلة غير ثابتة و انما ترتبط بالمتغيرات التي تمس حتى قواعد اللعبة.و من الواضح أن معادلة الأمن و الإستقرار في الخليج ابان الحرب الباردة قد طرأ عليها التبدل بعد سقوط الإتحاد السوفيتي و دخول العالم في مرحلة القطب الواحد ما يسمى بالنظام العالمي الجديد الأمر الذي أحدث تداعيات شهدناها في منطقة الخليج, هذا على المستوى الدولي. و على المستوى الإقليمي و الخليجي فإن المتغيرات التي حصلت بعد سقوط الشاه و قيام الثورة في ايران و السياسة الخارجية التي انتهجها النظام الإيراني بعد الثورة كان لها تأثير كبير على معادلة الأمن و الإستقرار في الخليج العربي, و قد تغيرت العديد من عناصر المعادلة, فعلى سبيل المثال كانت السعودية و إيران تشكلان ما سمي في حينها بالعمودين المتوازيين " twi- pillars ". و اعتقد أن معادلة الأمن و الإستقرار في الخليج العربي ستبقى عرضة للتأرجح و تأثير المتغيرات سواء باتجاه التصعيد أو التهدئة, فإشتعال حرب على ايران بسبب الملف النووي مثلاً سيضرب الأمن و الإستقرار في الخليج, كما أن توصل ايران و الولايات المتحدة الأمريكية الى صفقة سيؤثر على التوازنات والأدوار و السياسات لا سيما فيما يتصل بالدول العربية الخليجية.